ماهية التصميم الجرافيكي

ما هو التصميم

لقد قمت في السطور التالية بتحليل جميع الظواهر والمفاهيم الخاصة بالتصميم الجرافيكي حتى يتسنى للقاريء الكريم معرفة الجوهر الحقيقي للتصميم، ويتسنى له الإلمام بجميع هذه الظواهر وترجمتها بشكل عملي عند البدء بتصميم معين.

· التصميم هادف:
يهدف التصميم إلى المنفعة، إنه طريقة لتوضيح (كيفية) الأشياء: كيف أشتري سلعة معينة، كيف أتصفح موقعاً للانترنت، كيف أقدم الخدمات للزبائن، كيف أتصل بالزبائن، كيف أقنعهم. والأهم من ذلك أن التصميم يعبر عن الأفكار والمفاهيم، وينقلها لفئة جمهور معين مثل: فئة العمر، فئة الدخل، فئة الجنس...الخ.
· التصميم إعلامي:
فالتصميم ينقل (المعلومات) إلى الناس، ربما تكون حالة الطقس، حوادث السير، التحذير من الانزلاقات في فصل الشتاء...الخ.
· التصميم يستخدم العلاقات البصرية من خلال الأشكال:
- شكل سلبي / شكل إيجابي.

- شكل صاعد / شكل ساقط.

- شكل متوازن (مستقر) / شكل غير متوازن.

- خلف / أمام.

- مساحة معتمة / مساحة شفافة.

· التصميم عملية متعاقبة ومتسلسلة:
فهو يبدأ بخلق معلومات عامة وينتهي بتفاصيل معينة، فالبدء بتصميم دائرة قد ينتهي بأنها عبارة عن شمس أو قمر أو صحن...الخ.

لطالما كان التصميم المنهج الأقوى المستخدم في عالم الإعلان، والوسيلة الأكثر فاعلية في زيادة المبيعات لدى الشركات التجارية، وهو من ناحية أخرى وسيلة رفاهية بالنسبة للجمهور، حيث أصبح بالإمكان معرفة جودة سلعة ما أو مواصفاتها فقط بالنظر على الكتيب المرفق مع السلعة أو الإعلان الخاص بتلك السلعة، كما يدخل التصميم الجرافيكي في جميع مجالات الحياة المختلفة، فطلبات التوظيف تحتاج إلى تصميم، الإعلان عن حفلة أو مباراة، ملصقات المسرحيات والأفلام، جميع الصناعات...الخ.
كان أول من أطلق تسمية (Graphic Designer) هو المصمم وليام أديسون دويغنز عام 1922 الذي عرف مصطلح "المصمم الجرافيكي" بأنه ذلك الشخص الذي يجمع بين العناصر المختلفة (كلمات، صور، ألوان...) في صفحة واحدة بشكل يجذب النظر.
التصميم الجرافيكي مشتق من كلمة (جراف)، وهي تعني (رسم بياني)، أما كلمة (جرافيك) فهي تعني (تصويري، مرسوم، مطبوع...)، والبحث عن معنى هذه الكلمة الأجنبية لا يشكل صعوبة تذكر فمعظم القواميس الفنية المتخصصة تفيد أن أصل هذه الكلمة لاتيني وهي من كلمة جرافوس Graphus وتعني ضمن ما تعني: "خط مكتوب أو مرسوم أو منسوخ"، فأستعير اللفظ في اللغات الأوروبية لكي يطلق على كل رسم بخط منسوخ ثم أصبح اسماً عالمياً لهذا الفن وجاء في اللغة الفرنسية هكذا (Gravure).
فن الجرافيك graphic art في معناه العام هو فن قطع أو حفر أو معالجة الألواح الخشبية أو المعدنية أو أي مادة أخرى بهدف تحقيق أسطح طباعية، والحصول على تأثيرات فنية تشكيلية مختلفة عن طريق طباعتها. ([1])
يشير المصطلح "كومبيوتر جرافيك" (أو رسوم الحاسب) إلى الصور التي يتم إنتاجها باستخدام الحاسب، والتي تشمل الرسومات التوضيحية (Illustrations) ورسوم الكارتون المتحركة (Animations)، وحتى الصور الحقيقية عالية الجودة (High Resolutions Photos)، كما يستخدم نفس التعبير للإشارة إلى عملية سحب الصور وتلوينها وتظليلها ومعالجتها من خلال الحاسب، وتساعدنا رسوم الكمبيوتر على جمع المعلومات وعرضها وفهمها بشكل سريع وفعال، بل إنه يمكنها إنتاج الصور للكائنات والعمليات التي لا سبيل لنا إلى رؤية أشكالها.
ظل التصميم الجرافيكي لفترة كبيرة يختص بإنتاج المواد المطبوعة (مجلات، جرائد، كتب، أوراق رسمية، أوراق معاملات، بطاقات فيزت، نشرات إعلانية، ملصقات دعائية، بطاقات تهنئة، تذاكر حفلات ومباريات، أختام، شعارات، مغلفات رسائل، مغلفات المنتجات، صناديق الطرود، ملصقات المعلبات، ليبلات... وغيرها الكثير)، إلا أن التطور الحاصل في مجال تكنولوجيا المعلومات (Information Technology) أضاف الكثير للتصميم الجرافيكي فأضحى هناك فرع قائم بحد ذاته أطلق عليه إسم "الوسائل الإعلامية المتعددة" (Multimedia)، والذي يتعامل مع رسومات الكمبيوتر –بدون الحاجة إلى طباعتها- ويكونها في إطار حركي كالأفلام السينمائية، مع إمكانية استخدام التأثيرات الصوتية (Audio)، ومن أشهر البرامج التي تتعامل في هذا النوع من التصميم (3D Max, Maya, Macromedia Director, Macromedia Flash, & Multimedia Builder).
وحتى الرسوم المتحركة التي كانت ترسم باليد أصبحت بعد انتشار الملتيميديا ترسم وتحرك بواسطة الحاسوب في وقت أقل بكثير من ذي قبل، وبعد أن أصدرت شركة (Macromedia) إصدارها الأول من برنامج (Flash) أصبح مجال الرسوم المتحركة من أكثر المجالات متعةً بالنسبة للكثير من المصممين، فهذا البرنامج قد أحدث نقلةً نوعية في عالم الرسوم المتحركة، بالإضافة إلى عالم تصميم مواقع الانترنت.
وبمناسبة الحديث عن تصميم صفحات الانترنت فالجدير بالذكر أن هذا المجال ظهر كفرع قوي من فروع تصميم الجرافيك في الآونة الأخيرة نظراً لانتشار شبكة الانترنت بشكل واسع في العالم، حيث أصبح العالم قريةً واحدة، واحتاجت الشركات الكبيرة إلى البحث عن طرق جديدة من أجل تسويق منتجاتها، وتسهيل معاملاتها التجارية، وهكذا ظهر بما يسمى (التجارة الإلكترونية) وهي نوع من عمليات البيع والشراء ما بين المستهلكين والمنتجين أو بين الشركات بعضهم وبعض باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
إن المصمم الجرافيكي الناجح هو ذلك الشخص الذي يعي تماماً بأن مهمته هي إرضاء أكبر عدد من الأذواق، وهي مهمة ليست سهلة، فهو يعرف بأن عليه التعامل مع شرائح كثيرة من الناس وأفكار تختلف من مكان لآخر ومن شخص لآخر، من جهة أخرى فالمصمم الجرافيكي ماهر في علم النفس إذ أنه على علم بتأثير الأشكال والألوان على المشاهدين، وهو ماهر في وضع الحلول.
أهمية التصميم الجرافيكي:
يعتبر التصميم في عصرنا الحالي نظام إنساني أساسي، وأحد الأسس الفنية لحياتنا المعاصرة؛ فالتصميم هو أحد مجالات النشاط الفني التي لا يمكن الاستغناء عنها؛ إذ أنه يستحيل لأي عمل الظهور دون تصميم.
وهذا أسلوب شائع في حياتنا وسلوكنا، سواء كان من خلال إبداع المصمم المنتج أو اختياره، فكل هذا يعكس الأسباب النفسية التي تدفع الفنان إلى أن يعبر عن نفسه سواء بالإبداع أو الاختيار بطرق خاصة تختلف من فرد إلى آخر.
وعلى المصمم أن يسعى دائماً للبحث والتطوير ليستطيع التعبير عن موهبته الشخصية كمصمم، فجودة التصميم هي الأساس، إذ تزودنا بالخبرة الفنية الغنية التي نحس بها في أي تصميم، فنجد بأن طابع أي تصميم وفرديته ينبعان من المشاعر الخاصة بالمصمم الفنان، وهو يعبر عن تلك المشاعر باللون وقيمته، وبالخط والقيم السطحية والمساحات والأشكال، وموضوع التصميم.
التصميم وعلاقته بالطبيعة والحياة:
يستوحى المصمم رموزه وعناصره في الغالب من الطبيعة، ويبدأ التصميم عندما تتحول الفوضى إلى نسق ونظام (أي يكون التصميم مرتب ولا يحتوى على العشوائيه). والتصميم كلمة تدل على حدود العقل الإنساني، وعلى مدى الحقائق التى يدركها الإنسان ويستخلصها تدريجياً من الفوضى، وكلما زادت معارفه وثقافته ساعده ذلك على تنظيم التصميم، فيحل محل الفوضى النسق والنظام.
ولذلك فمن المتوقع أن تكون لدى الفنان حساسية زائدة عن الآخرين من حيث إدراك الأشكال وما تتضمنه من معاني. فالمصمم يمر بعمليتين خلال استلهام الطبيعة وما بها:
· داخلية: متصلة بقدراته الإدراكية فيها من ثقافة ومزاج وقدرات فسيولوجية وبيولوجية.
· خارجية: تتمثل في العلاقة بالطبيعة، حيث تعتمد عملية التصميم على التنظيم البصري، وعلى كيفية رؤية الطبيعة والتنوع فيها.
ويختلف مفهوم الطبيعة لدى المصمم تبعاً للمواقف البيئية المختلفة، كذلك توجد نماذج أخرى في البيئة تعكس النظام والتصميم في الطبيعة، وكلما كانت البيئة جذابة أحس الإنسان بحاجته لأن يعكس جمالها بطريقة تلقائية.
وقد أصبح مفهوم الطبيعة يعنى القوة المسيطرة على نظم ونسق الكون والوجود في نموه وتطوره، ومن الطبيعي في أن النظم الهندسية أو الرياضية كلمة تدل على الطبيعة سواء كانت عضوية أو غير عضوية، يتحكم فيها العوامل التاليه:
· التنوع.
· التوزان.
· التناسب.
· التماثل.
وهناك علاقة بين التصميم والقانون الطبيعي للنمو، وأيضاً هناك علاقة بين التصميم والحياة، حيث يلاحظ توافر عناصر أسس التصميم في الطبيعة (الوحدة، التناسب، الإيقاع، الاتزان، السيادة).
التصميم والقانون الطبيعي للنمو:
كما ذكرنا سابقاً، فإن الطبيعة هي المصدر الأساسي للمصمم لأنها تحتوي على عناصر متنوعة من عناصر التصميم المختلفة كالنقط، الخطوط، المساحات، الأشكال، الملامس، الألوان، والفراغ. وهذه العناصر تتسم بالتغير الدائم في مظهرها المرئي وفقاً لما يحدث في الطبيعة من متغيرات، لكن لا تزال هذه العناصر يحكمها قانون الطبيعة، فالطيور والحيوانات والحشرات والأسماك والأصداف والقواقع والشعب المرجانية وأمواج البحر والأزهار والنباتات... الخ، تحكمها الطبيعة بقانون متوازن يعكس نظاماً مرئياً متكاملاً.
إن دور المصمم يأتي في استخلاص ما يشاء من ذلك النظام المرئي ليحقق ما يريد التعبير عنه برؤيته الخاصة، وبوسائله الأدائية المختلفة؛ إذ أن العين المبدعة تستطيع أن ترى في الطبيعة تصميمات متنوعة وعلى درجة كبيرة من النظام والدقة.
وباعتبار التصميم واحداً من أهم مجالات التعبير الذي أحسه الإنسان منذ تواجده على الأرض وحاجته الملحه إليه، فقد توصل الإنسان على مدى العصور بتأمله لمظاهر الطبيعة المختلفة إلى أساسيات العلوم المختلفة وما يطرأ عليها فيما بعد من تطورات وصلت بنا إلى الثورة العلمية للقرن الحالي.
لقد أصبح للمصمم دور مهم في تناول مظاهر الطبيعة المختلفة برؤية فاحصة وبمقدرة واعية لاكتشاف ما فيها من قيم فنية، وهنا لابد أن يختار المصمم من بينها ما يحقق هدفه التعبيري، وبذلك يضع أنسب الحلول لمشكلات التصميم.
التصميم والحياة:
يخطئ كثير من الناس عندما يعتقدون بأن التصميم هو –فقط- أحد مجالات الفنون نظراً لقلة معرفتهم بالتصميم أو ضعف موهبتهم بممارسته، ولكن الحقيقة تخالف هذا الأمر لأن التصميم له صلة كبيرة بالحياة؛ فهو يتغلغل ويشارك في جميع الأنشطة البشرية التي يتعامل من خلالها الإنسان في ميادين الحياة المتعددة. وبمعنى آخر، فإن التصميم هو أسلوب حياة، وهو طريقة لإيجاد الحلول المختلفة التي يواجهها الناس في واقعهم اليومي.
يمر المصمم بتجارب كثيرة في حياته ويتعرض لمواقف متنوعة، فتتحرك في داخله خبرات سابقة قد ترتبط بإنفعالاته، وقد ويشعر المصمم بالحاجة إلى إيجاد مخرج لهذه الانفعالات حتى يحاول إستعادة اتزانه، فيتجه نحو الناس لكي ينقل لهم صدى الخبرات التى اكتسبها.


Comments

Popular Posts